لا تقتصر الترجمة على نقل المعنى اللغوي وحسب، بل تعني بنقل المعنى الثقافي أيضاً، وهو ما يتطلب فهماً عميقاً للغة وثقافة وسياق كل من النصّين، وعند الترجمة بين لغتين من عائلتين مختلفتين، كالعربيّة والإنجليزية اللتين تختلفان اختلافاً كليّاً في في القواعد النحوية والتركيبية والسياق الثقافي، قد يواجه المترجمون عدّة تحديات.
فيما يلي خمسة أخطاء شائعة في الترجمة بين العربية والإنجليزية وكيفية تجنبها.
1. الاستخدام الخاطئ للتعبيرات الثقافية
ينظر هانس ڤيرمير إلى الترجمة على أنها ”تواصل بين الثقافات، ويجب أن يكون المترجم ملمّاً بثقافتين على الأقل“، ويعرّف يوجين نايدا الثقافة على أنها مجموعة المعتقدات والممارسات في مجتمع معين. لذلك، تكتسب الكلمات معناها في إطار السياق والثقافة التي تعكس معتقدات المجتمع. وتشمل التعبيرات الثقافية على المصطلحات المتعلّقة بالمنظومة الثقافية والبيئية والمادية والاجتماعية والسياسية والدينية والفنية، كما وتشمل العادات والأمثال الشعبية والأفعال الاصطلاحية والتعبيرات البلاغية.
مثال على ذلك:
تعبير (kick the bucket)، والذي يشير إلى الموت، ولكن عند ترجمته ترجمة حرفية كـ (ركل الدلو)، لا يؤدي المعنى المطلوب ويُربك القارئ بطبيعة الحال. لذلك نستطيع القول (توفاه الله) أو (مات)، عند نقل المصطلح للعربية.
في نفس السياق، عبارة (Render unto Caesar what is Caesar’s) عبارة دينية معروفة في الثقافة الغربية المسيحية توجد في العهد الجديد من الكتاب المقدس، وتشير في يومنا هذا إلى إعطاء الفرد لحكومته ما يخصها، والتفريق بين الواجبات المدنية والدينية.
تشكل مثل هذه النصوص تحدّياً للمترجمين، فترجمتها حرفياً كـ (أعطوا ما لقيصر لقيصر) لا ينقل المعنى المطلوب للقارئ، خاصةً لأولئك الذين ليسوا على دراية بالسياق الديني أو التاريخي للقيصر، الإمبراطور الروماني. ومن المهم أن يجري المترجم بحثاً لفهم الخلفية الدينية للنص، لينقل المعنى المقصود. لذلك، فإن ترجمة العبارة ترجمة توضيحية مثل (أعطوا للحكومة ما يخصها ولله ما يخصه)، يمكن أن توفر فهماً أوضح.
بهذا، يضمن المترجم الحفاظ على تماسك النص بينما يعزز فهم القرّاء من خلال مراعاة التراكيب الثقافية والسياق للغة العربية ومتحدثيها، وتوسيع مدارك القرّاء.
| الترجمة المقترحة | النص الإنجليزي |
|---|---|
| السلام عليكم | Hello |
| الدّم ما بيصير مي | Blood is thicker than water |
| إنّا لله وإنا إليه راجعون | I am sorry for your loss |
2. عدم استخدام المكافئ اللغوي الصحيح
يواجه المترجم مصطلحات مختصّة خلال عملية الترجمة، بعض هذه المصطلحات قد لا يكون له مقابلاً مباشراً في اللغة الأخرى، أو قد لا بعثر المترجم عليها بسهولة، فتشكّل تحدّياً خاصةً في النصوص العلمية والمتخصصة. تشير آنا ماتامالا إلى أن السبب وراء ذلك قد يكون ”عدم امتلاك المترجمين للوقت الكافي لإجراء بحث كافٍ، ولاستشارة الخبراء المتخصصين“.
على سبيل المثال، عند ترجمة كلمة (pixel) إلى اللغة العربية، فإن ترجمتها كـ (بكسل)، يبدو أوضح من ترجمتها كـ (أصغر عنصر للصورة)، وكذلك الحال مع المصطلحات الطبيّة والتقنية.
وقد اقترح فيناي وداربلنيه مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها في الترجمة، واحدة منها هي الاقتراض (borrowing)، ويستخدم المترجم هذا الأسلوب عند عجزه عن الإتيان بمصطلح مقابل في اللغة المستهدفة، ويكون عادة للتعبير عن تقنية جديدة أو مفهوم غير معروف في ثقافة اللغة المنقول إليها، ويعتبر الاقتراض أبسط أساليب الترجمة ويوافقه في اللغة العربية أسلوب التعريب. ومن الأمثلة على الاقتراض في اللغة العربية كلمات مثل: مكنة، وتكنولوجيا، ستالايت، وتليفزيون، وفيديو، وغيرهم من المسمّيات.
3. استخدام الترجمة الحرفية
تشير إلى الترجمة الحرفية إلى ترجمة كل كلمة في الجملة إلى مقابلها في اللغة المستهدفة، فتحتفظ الجملة بالقواعد اللغوية للغة الهدف، مع الحفاظ على ترتيب كلمات الجملة الأصلية ونحوها. تنجح هذه الاستراتيجية في بعض السياقات، ولكنها تفضل في إيصال المعنى في غيرها، خاصة في حالة الألفاظ البلاغيّة والمجازية، حيث يضطر المترجم إلى استخدام استراتيجيات أخرى.
سلّط الباحثون العدوان والجبري (2022) والقواسمة (2022) الضوء على هذه الاستراتيجيات، والتي تشتمل على ترجمة العبارة البلاغية إلى معناها، أو استبدال الصورة البلاغية بصورة أخرى في اللغة المستهدفة، ونقل الصورة نفسها إلى اللغة الهدف، وحذف المجاز.
يمكن ترجمة العبارة (I need to know what was in Teresa’s head)، على أنها (أحتاج إلى معرفة ما كان يوجد في رأس تيريزا). ولكن ترجمة أكثر طبيعيةً ستكون (أرغب في معرفة ما تفكّر به تيريزا). على الرغم من أن الترجمة الحرفية قد تكون مقبولة ومفهومة، إلّا أن الاستغناء عن المجاز ونقل المعنى إلى اللغة العربية أقرب للصواب.
4. عدم مراعاة المتلازمات اللفظية
المتلازمات اللفظية ظاهرة لغوية تشيع في اللغات جميعها، وتشير إلى كلمات تستخدم بشكل منتظم مع كلمات معينة، ويقترن استخدامها بكلمة أو كلمات أخرى، ويطلق على مصطلحات عديدة مثل: المتصاحبات اللفظية، والمقترنات اللفظية، والمترافقات اللفظية، والمتلازمات اللفظية، والتجمعات اللفظية. وتشيع المتلازمات اللغوية في النصوص المتخصّصة وتشكّل صعوبة يواجهها المترجم الذي يعرض إلى ترجمة نصوص متخصصة، والسبيل لتخطّي هذا الصعوبة هو الرجوع إلى أهل الاختصاص وسؤالهم أو الاستعانة بالقواميس والمسارد والمراجع التخصصية. فيحتاج المترجم إلى معرفة الاستخدامات المختلفة للكلمة الواحدة، واستخدامها بالشكل الصحيح في السياقات المختلفة، ومعرفة الصيغة المقابلة لها في اللغة المستهدفة.
من الأمثلة على المتلازمات اللفظية الإنجليزية ومقابلها بالعربية عبارة (law and order)، وهي متلازمة لفظية تستخدم في الثقافة الإنجليزية، وتشير إلى القانون والنظام، ولكن المقابل في اللغة العربية لهذه العبارة هو (القانون والتقاليد)، والذي يُترجم إلى (laws and tradition). تعكس المتلازمة اللفظية الإنجليزية التركيز على نظام المجتمع، بينما يركز المصطلح في اللغة العربية على أهمية مفهوم التقاليد لدى العرب.
قد تؤدي الترجمة الحرفية إلى متلازمات لفظية ركيكة بسبب تأثير لغة النص الأصلي على اختيار الترجمة، على سبيل المثال، (he caught a cold) تُترجم إلى (أُصيب بنزلة برد)، في حين يمكن ترجمة الفعل (caught) بشكل مختلف في اللغة العربية وفقاً للمتلازمة اللفظية المستخدمة في الإنجليزية، كما في الأمثلة:
| الترجمة المقترحة | النص الإنجليزي |
|---|---|
| يلقي عليه المسؤولية | To place someone’s responsibility on something |
| يلقي الرعب في قلبه | To strikes in someone’s heart |
| يلقي السلاح | To lay down his arm |
| يلقي خطاباً | To deliver a speech |
5. استخدام تراكيب نحوية خاطئة
تختلف التراكيب النحوية بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية؛ فقد يؤدي سوء فهم وظيفة زمن معين أو جانب ما إلى ترجمة خاطئة. على سبيل المثال، في الجملة (the more the product is the more the income is) يمكن ترجمتها كـ (كلما زاد الإنتاج كلما زاد الدخل)، وهي جملة ركيكة لتكرار كلمة (كلما) واستخدام كلمة غير رسمية (زاد)، فكلمة (كلما) هي أداة ربط، بين العبارتين الفرعيّتين في الجملة، لذلك، فإن ترجمة أفضل ستكون (كلما ازداد الإنتاج، ازداد الدخل).
إن اتباع تركيب الجملة في اللغة المصدر سيؤدي إلى جملة ركيكة في النص المستهدف، وكلّما كان فهم المترجم للغة المستهدفة أعمق، كانت الترجمة أكثر طبيعية وانسيابيّة.
كيفية تجنب أخطاء الترجمة
تقف العديد من الأسباب وراء مشكلات الترجمة بين العربية والإنجليزية، يتعلق بعضها بعدم فهم النص الأصلي واللغة المستهدفة. إضافةً إلى ذلك، يُطلب من المترجمين في كثير من الأحيان تقديم ترجماتهم ضمن مهلة زمنية ضيقة، مما يؤدي إلى تجاهلهم لبعض القضايا.
وفشل فهم معنى النص الهدف ليس السبب الوحيد وراء أخطاء الترجمة بين الإنجليزية والعربية، فيجب على المترجمين إجراء بحث شامل عند ترجمة بعض النصوص، ومعرفة استراتيجيات الترجمة التي اقترحها الباحثون، مثل استراتيجيات فيناي وداربلنيه، وهما استراتيجيتان رئيسيتان: الترجمة المباشرة وغير المباشرة، وتشملان على سبع استراتيجيات فرعية.
وإنّ الاستعانة بالخبراء في الترجمة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على جودة النصوص المترجمة ودقّتها، فالمترجمون المحترفون الذين لديهم خبرة واسعة وفهم عميق لكل من اللغتين يضمنون نتائج عالية الجودة ويتعاملون بفعالية مع تعقيدات الترجمة.
في كرييتيف افينيو، يقدّم فريقنا من المترجمين المحترفين خدمات ترجمة مميّزة، فخبرتهم الواسعة في اللغتين الإنجليزية والعربية، إلى جانب فهمهم العميق للفروق الثقافية، تمكّنهم من تقديم نصوص وترجمات جزِلة، خالية من الأخطاء اللغوية والنحويّة والتركيبية، ويضمن المترجمون في كرييتيف افينيو أن كل مشروع ترجمة يلتزم بأعلى معايير الدقة والملاءمة الثقافية، مما يسفر عن نتائج مثالية. info@creativeavenue.qa.

